زينب الکبري (سلام الله علیها) بطلة الکرامة الحسينية في ثورة عاشوراء

28 مارس 2022

زينب الکبري (سلام الله علیها) بطلة الکرامة الحسينية في ثورة عاشوراء

تمهید:

الکریم و الکریمة؛ صفة لکل ما یرضی و یحمد، وجه کریم، ای مرضی فی حسنه و بهائه؛ و إذا وصف به الانسان فهو ذو الأخلاق و الأفعال المحمودة التی تظهر منه، لا یقال الا فی المحاسن الکبیرة.[1]

و معنی قول الله عزّ و جلّ «وَ لَقَدْ كَرَّمْنا بَني‏ آدَم‏…الإسراء/آیه 70» أی کرّمنا بالنطق و العقل و التمییز و الصورة الحسنة و القامة المعتدلة و أمر المعاش و المعاد، و تسلیطهم علی ما فی الارض، و تسخیر سائر الحیوانات لهم…و الکریم: هو الجامع لأنواع الخیر و الشرف و الفضائل.[2]

و من ثمّ حینما ننظر الی الثورة الحسینیة الالهیة تجاه الأمویین الغاصب السفاک، نری؛ إن مصباح الهدی و سفینة النجاة و هو الحسین بن علی بن ابی طالب علیهما السلام أفدی نفسه و أسرته و من کان معه لإحیاء دین الله و القوانین الشریعة من الکتاب و السنة النبویة…و فی هذه المقالة أتحدث عن أسوة المقاومة و العفاف الفاطمیة و الشجاعة الحیدریة و الایثار و الکرامة و هی السیدة العابدة و بنت الشهید و الشهیدة و أم الشهیدین و أخت الشهداء السیدة الزینب الکبری بنت امیر المؤمنین علی بن ابی الطالب علیه السلام فی ضوءعاشوراء حیث تتبع خطوات الکرامة الحریة الانسانیة و ارجو من الله أن نتبع و نتابع خططه نحن و العالم الاسلامی لاسیّما النساء المؤمنات و غیرها.

أ) نظرة بعض الأعلام المشهورة من الفقهاء و الرجالیین حول شخصیة زینب الکبری(سلام الله علیها)

أتبرک هذه المقاله للتعرف علی شخصیة السیدة زینب الکبری بنت أمیر المؤمنین سلام الله علیها کرامة، بمقتطفات قیمة من الکلام  الأعلام الثلاثة المشهورة عند الخبرات و الأساتذة و الطلّاب فی الحوزات العلمیه و المثقفین هنا و هناک و  هم:

الأوّل؛ فقیه، کلامی، رجالیٌّ وحید، ذو خبرة سماحة العلامه آیة الحق الشیخ عبد الله مامقانی (رحمه الله). و هو: یقول: زينب و ما زينب! و ما أدراك ما زينب! هي عقيلة بني هاشم و قد حازت‏ من‏ الصفات‏ الحميدة ما لم يحزها بعد أُمّها أحد، حتّى حقّ أن يقال: هي الصدّيقة الصغرى؛ هي في الحجاب و العفاف فريدة فی العصور، لم ير شخصَها أحد من الرجال في زمان أبيها و أخويها إلى يوم الطفّ و هي في الصبر و الثبات و قوّة الإيمان و التقوى وحيدة فریدة و في الفصاحة و البلاغة كأنّها تفرغ عن لسان أمير المؤمنين علی عليه السّلام، كما لا يخفى على من أمعن النظر في خطبتها؛ و لو قلنا بعصمتها لم يكن لأحد أن ينكر إن كان عارفا بأحوالها في الطفّ و ما بعده‏…[3]

الثانی؛ فقیه، اصولی، رجالیٌّ و مفسّر القرآن و هو سماحه آیه الله العظمی الفقیه الشهیر ذو خبره المرجع الدینی السید ابو القاسم الخوئی (رضوان الله تعالی علیه). و هو یقول: إنّها شريكة أخيها الحسين‏ عليه السّلام في الذبّ عن الإسلام و الجهاد في سبيل اللّه و الدفاع عن شريعة جدّها سيّد المرسلين، فتراها في الفصاحة كأنّها تفرغ عن لسان أبيها و تراها في الثبات تنبئ عن ثبات أبيها، لا تخضع عند الجبابرة و لا تخشى غير اللّه سبحانه، تقول حقّا و صدقا، لاتحرّكها العواصف و لاتزيلها القواصف. فحقّا هي أخت الحسين عليه السّلام و شريكته في سبيل عقيدته و جهاده.[4]

الثالث؛ فقیه،أصولی، ذو خبرة فی علوم الإلهیة من العرفان و الفلسفة، ثوری، المرجع الدینی و مؤسس النظام الجمهوریة الاسلامیة و هو الإمام السید روح الله الموسوی الخمینی(قدس الله نفسه الزکیة). إنه قال: إن السيدة زينب- سلام الله عليها- واجهت يزيد و وبّخته بشكل بحيث لم يسمع بنو أمية مثل هذا التوبيخ طوال حياتهم. كما إن ما تحدثت به في الطريق إلى الكوفة وفي الشام، وخطبة الإمام السجاد (علیه السلام) في مسجد الكوفة، أوضحا للناس بأن القضية ليست قضية خوارج و خروج على سلطان زمانه خليفة رسول الله، مثلما حاول يزيد تصوير نهضة الإمام الحسين (علیه السلام)، حيث كشف الإمام السجاد عن دوافع موقف الإمام الحسين وكذلك فعلت الحوراء زينب.[5]    

ب) لمحة الی الأسماء و الألقاب المبارکة لسیّدة زینب الکبری (سلام الله علیها)

انها لما ولدت سماها رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم «زینب» بعد ما نزل جبرئیل علیه السلام و بشره بهذا الاسم الشریف کما جاء فی الحدیث:

لمّا ولدت زينب عليها السّلام جاءت بها امّها الزهراء عليها السّلام إلى أبيها أمير المؤمنين عليه السّلام و قالت: سمّ هذه المولودة، فقال علیه السلام: ما كنت لأسبق رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم- و كان رسول الله صلی الله و آله في سفر له- و لمّا جاء من السفر، سأله عليّ عليه السّلام عن اسمها، فقال: ما كنت لأسبق ربّي تعالى؛ فهبط جبرئيل عليه السّلام، يقرأ السلام‏ من‏ اللّه‏ الجليل‏ و قال‏ له: سمّ هذه المولودة: زينب، فقد اختار اللّه لها هذا الاسم[6]؛

إن سیدة زینب بنت علی علیه السلام اکتسبت فضائل شتی بعد ولادتها فی الأسرة النبویة و العلویة حیث تتشکل شخصیتها بواسطة التعلیم و التزکیه الصادره عن النبی الأعظم خاتم الأنبیاء و ابنته و وصیّه أمیر المؤمنین علیهم السلام ثمّ اثّر علیها الأفعال و الأقوال و السیره الصادره عن أخویها الحسن و الحسین علیهما السلام. فعلی هذا الجزور البنّائه صارت ذو الأسماء و الألقاب الکریمه العدیدة خاصة بعد رحالها من المدینة المنوّره إلی الأرض الطف مع أخیه الحسین الشهید علیه السلام و أصحابه الکرام للجهاد ضد الأمویین لا سیّما الحاکم المستبد الغاصب، المغرور و المعاند لله و لرسوله و لأهل بیته الکرام علیهم السلام یزید بن معاویة لعنه الله.

ج) الأسماء و الألقاب المشهورة التی تهدی الی کراماتها

 زینب الکبری (سلام الله علیها) *عقیلة بنی هاشم *عالمة غیر معلّمه *عابدة آل علی *فهیمة کامله *محدّثه *عالمة و فاضله *صدّیقة صغری *عصمة صغری *خطیبة بلیغة *صابرة *بنت الشّهید وبنت الشّهیدة *أمّ الشّهداء *أخت الشّهداء *عمّة الشّهداء *خالة الشّهداء *بنت الإمام *أخت الإمام *عمّة الإمام *و شریکة الحسین (علیهما السلام) *بطلة کربلا * نیابة الحسین علیه السلام خاصة، بعد استشهاده الی مدة خاصة.

د) جلالتها لدی الأسرة النبویة و العلویة

الاسرة النبویة و العلویة کانتا تعظمان زینب بنت علی علیهما السلام اکثر اعظاما مما تعمل به الناس و تظنونه حیث سماها زینب الکبری حتی تتمیّز من أقرانها نحو زینب بنت محمد صلی الله علیه و آله و غیرها. و ها هی عقیلة بنی هاشم کما اثبتت فی ساحات عدیدة، أذکر هنا أنموذج منها:

الاول. حدّث يحيى المازني، قال: كنت في جوار أمير المؤمنين عليه السّلام في المدينة مدّة طویلة و بالقرب من البيت الّذي تسكنه زينب ابنته، فلا- و اللّه- ما رأيت لها شخصا و لا سمعت لها صوتا. و كانت [زینب] إذا أرادت الخروج لزيارة جدّها رسول اللّه -صلى اللّه عليه و آله و سلم- تخرج ليلا و الحسن عن يمينها و الحسين عن شمالها و أمير المؤمنين أمامها، فإذا قربت من القبر الشريف سبقها أمير المؤمنين عليه السّلام فأخمد ضوء القناديل‏، فسأله الحسن مرّة عن ذلك؟! فقال: أخشَى أن يَنظُرَ أحَدٌ إلى شَخصِ أختِكَ زَينب.[7]

الثانی. و ایضا جاء فی کلام المحدثین و الرواة:[قال العلامة البحرانی]: أنّ الحسين عليه السّلام كان إذا زارته‏ زينب‏ عليها السّلام يقوم إجلالا لها و كان يجلسها في مكانه[8]؛ و ایضا قال البحرانی: يكفي في جلالة قدرها و نبالة شأنها ما ورد في بعض الأخبار: أنّها دخلت‏ على‏ الحسين‏ عليه السّلام و كان يقرأ القرآن، فوضع القرآن على الأرض، و قام لها إجلالا[9]؛

الثالث: قال بعض الأعلام بعد التأمل فی نقل الخطبة الفدکیة عن أمها صلوات الله علیها مطالب قیّمة أخری. قال أبو الفرج الإصفهانی نقلا عن عبد الله بن عباس: زينب العقيلة هي الّتي روى ابن عبّاس عنها كلام فاطمة عليها السّلام في فدك، فقال: حدّثتني‏ عقيلتنا زينب بنت عليّ -عليهما السّلام‏؛

الرابع: العلامه خاتون آبادی یکتب فی رسالته «جنّات الخلود»: كانت زينب الكبرى في‏ البلاغة و الزهد و التدبير و الشجاعة قرينة أبيها و أمّها عليهما السّلام فإنّ انتظام أمور أهل البيت بل الهاشميّين بعد شهادة الحسين عليه السّلام كان برأيها و تدبيرها.[10]

هـ) دور السیدة زینب الکبری (سلام الله علیها) فی الحکومة العلویّه

بایع الناس مع أمیر المؤمنین علی علیه السلام بعد قتل عثمان فی سنة خمس و ثلاثین فی المدینة المنوره فی مسجد النبی صلی الله علیه و آله و قالوا: انا لا نعلم أحدا أحق به منک، لا أقدم سابقة و لا أقرب قرابة من رسول الله صلی الله علیه و آله. بایعت قبائل الأنصار و المهاجرین إلّا قلیلا منهم. و هذا الأمر تمّ فی المدینة ثم فی مکة المکرمة و بعده فی الکوفة…فعلی هذا تمت الإمارة لأمیر المؤمنین علیه السلام و حینذاک حاولت عدة من بنی هاشم و غیرهم لاستحکام جزور الحکم العلوی. و من جهة أخری أن معاویه خالفه فی الشام و انحاز الناکثین و المارقین و القاسطین و من نکثوا عهد أمیر المؤمنین علی علیه السلام و ساعدهم بالأموال و السلاح و غیرهما من الأمتعه و الأشخاص فعلی هذا صارت المؤامرات شتی.

و اما دور عقیلة بنی هاشم زینب الکبری سلام الله علیها فی ذالک الوقت الحساس، هی ساعدت الحکومة العلویة ثقافیّا و سیاسیّا و اخلاقیّا کما نراها فی الأحادیث و الروایات التاریخیة، و نذکر هنا نموذجین:

الاولی؛نشاطات ثقافیة: حاولت هی نشاطات کثیرة فی تعلیم البنات و الشابات القرآن الکریم و تفسیره و تأویله فی الکوفه:

جاء فی الحدیث؛ أنّ زينب عليها السّلام كان لها مجلس في بيتها أيّام إقامة أبيها عليه السّلام في الكوفة؛ و كانت تفسّر القرآن للنساء [و البنات و…]. فهی في بعض الأيّام، كانت تفسّر «كهيعص‏…» إذ دخل أمير المؤمنين علی عليه السّلام عليها، فقال لها: يا نور عيني، سمعتك تفسّرين‏ «كهيعص‏» للنساء؟ فقالت: نعم، فقال عليه السّلام: هذا رمز لمصيبة تصيبكم عترة رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم. ثمّ شرح عليه السّلام لها المصائب، فبكت بكاءاً عالياً صلوات اللّه عليها[11] ؛

الثانیة ؛نشاطات سیاسیة: زینب الکبری سلام الله علیها دخلت فی ساحة السیاسة العلویة فعلی هذا مانعت عن نشاطات النساء ضد حکومة العلویة اللتی نالتهن عایشه و ایضا دعمها طلحه و زبیر دعما شدیدا و متوالیا لتحریک الناس ضد الحکومة الإلهیه العلویه و لاتنساهن المتآمرون یوما بعد یوم، و لحظة بعد لحظة حتّی وقعت مظاهرات مناهضة فی المدینه و البصره و…

و فی یوم من الأیام اجتمعن نساء المخالفه ضد الحکومة العلویه فی شوارع العام و الأسواق العامه و انهن یصرخن و یصحن صیحة فاضحه و یقلن:

«ما الخبر، ما الخبر، انّ علیّا کالأشقر، إن تَقَدّمَ عَقَر و إن تَأخَّرَ نَحَر»؛

معناها: ایها الناس اسمعوا؛ اعلن لکم خبرا هامّا و هو أن علیا کالدیک الذی یصرخ و ینادی کاذبا و هو سبب لانزعاجکم و لا یترتب علی کلامه فائدة و ثمره حیث انه لو تقدم و من معه فی الحرب لن ینتصروا ابدا و لو رجع مع أصحابه و جنوده یذبحون و یقتلون کلهم.

و اما السیدة زینب بنت علی علیهالسلام جاهدت جهادا کبیرا و دخلت فی هذا الأمر الخطیر، و واقفت تجاه هولاة مع أمّ سلمة و بعض نساء المؤمنات ثم بینت الأمور و مؤامرات العدو و خطط النفاق و قالت علیها السلام: «إن تظاهرتنّ علی أبی فقد تظاهرتن من قبل علی جدّی رسول الله -ص-فاستحیت النساء و تفرقن و عادت السیده زینب الی بیتها»[12]؛

هذه النشاطات و التنظیم و القوة فی ساحة العمل لا تنشأ الا من زکائها و عقلها و فهمها کما نری فی الکوفة حینما أدخل عمال عبید الله بن زیاد لعنه الله، الرؤوس المقطوعة لشهداء الطف علی الرماح لاسیّما رأس المنور المبارک المخضوب لحیته بدمه و هو رأس الحسین سید الشهداء علیه آلاف التحیة و السلام.

فنادی الإمام علی بن الحسین زین العابدین علیه السلام خطابا لعمّته السیدة الزینب الکبری سلام الله علیها و هو یقول:

يَا عَمَّةِ اسْكُتِي فَفِي الْبَاقِي مِنَ الْمَاضِي اعْتِبَارٌ وَ أَنْتِ بِحَمْدِ اللَّهِ عَالِمَةٌ غَيْرُمُعَلَّمَةٍ فَهِمَةٌ غَيْرُ مُفَهَّمَةٍ إِنَّ الْبُكَاءَ وَ الْحَنِينَ لَا يَرُدَّانِ مَنْ قَدْ أَبَادَهُ الدَّهْرُ فَسَكَتَتْ.[13]

و) ظهور الکرامة و البصیرة فی تعامل زینب الکبری (سلام الله علیها)فی معرکة عاشوراء

 ازهرت فترة التفکیر السلیم الکرامة النبویّة و العلویّة فی سیّدة زینب بنت علی علیها السلام فی المعرکة ظهر عاشورا من أعماق نفسها مرات کما ذکر المحدّثون و المورّخون و هنا نشیر الی اثنتین منها:

الأولی؛ حینما هجم المعسکر علی علی بن الحسین (علی الأکبر الشهید) علیه السلام بعد قتاله قتالاً شدیداً و سقوطه من الفرس علی الثری، حینذاک خرجت زینب مسرعة من الخیم، ثمّ نادت: یا أخیاه و ابن أخیاه و جاءت حتی انکبت علی جسد علی الأکبر فأخذ الحسین علیه السلام برأسها فردها الی الفسطاط.[14]

قال المحدثون: و فی هذا المجال خفّف الآلام من قلب الحسین علیه السلام ثم أمر فتیانه بنقل جسمان ابنه علی الأکبر إلی قرب الخیم.

کتب العلامه سید نور الدین الجزائری (ره): حینما وصل الحسین علیه السلام علی جسمان ابنه علی الأکبر (الذی قطع جیش بنی أمیه بسیوفهم جسمه الشریف إربا إربا) نظر الحسین علیه السلام بدءا الی أخته زینب فأرجعها الی المخیّم ثم أتی إلی المقتل فأمر بفتیانه بنقل جسم الشریف.

نعم؛ فی هذا المجال خفّف الآلام و صعوبات النفسیه و الروحیه و الجسمیة فی الحسین علیه السلام و تتمرکز هدفه المقدس الی ابادة خطوط المعرکه و خطة العدوّ. هذه  هی الفکرة و التدبیر العظیم من زینب الکبری من الأمور الهامة فی نفس المعرکه الحربیة.

قال حميد بن مسلم: فكأني أنظر إلى امرأة خرجت مسرعة كأنها الشمس الطالعة تنادي بالويل و الثبور و تقول يا حبيباه يا ثمرة فؤاداه يا نور عيناه فسألت عنها فقيل هي زينب بنت علي علیه السلام و جاءت و انكبت عليه فجاء الحسين علیه السلام فأخذ بيدها فردها إلى الفسطاط و أقبل علیه السلام بفتيانه و قال: احملوا أخاكم فحملوه من مصرعه فجاءوا به حتى وضعوه عند الفسطاط الذي كانوا يقاتلون أمامه[15]؛

الثانیة؛ علی حسب الروایات، الثالث و الرابع من شهداء بنی هاشم فی المعرکة یوم عاشوراء بعد استشهاد غیر بنی هاشم، أنهما: عون بن عبد الله بن جعفر و محمد بن عبد الله بن جعفر، و هما ابنا السیدة زینب الکبری سلام الله علیها، اللذان صاحبا أُمهما من المدینة الی کربلا، لمّا قتلا و استشهدا فی سبیل الله و سقطا علی الأرض یوم عاشوراء، لم تحضر أمهما علی جسمانهما حیث آنها هی التی حضرت علی جسمان ابن أخیه علی الأکبر، لکی لا یصیب ألمهما و أضغطت صعوبتهما علی صدر الحسین علیه السلام و ما ازدادا  علی حزن الحسین و أضاف علی مشاکل نفسیه و الروحیه فی ذُکر أخیه الحسین علیه السلام التی زادت واحدة بعد واحدة من جوانب عدیدة و نواحی المختلفة.

ز) المقاومة الکریمة حینما تمرّت زینب الکبری (سلام الله علیها) و أسرة الشهداء من المجزرة

ان زینب الکبری سلام الله علیها فی ذاک الوقت الحساس عند المرور من مجزرة الشهداء تعرف کرامتها و صبرها و عظمة رزیتها و ایضا هی تدرک قیادة الکریم و ابن الکریم فی جبهة الحق سید الشهداء الحسین المظلوم المعصوم الذی هو من مصادیق آیة التطهیر (إِنَّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ‏ الْبَيْتِ‏ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهيراً)[16] و هکذا عرفت تقدم اصحابه الکرام الذین قتلوا و استشهدوا لإحیاء الحق و استقرار الولایة الالهیة أمام زعیمهم و قائدهم سید شباب اهل الجنة (طوبی لهم و حسن مآب) و ایضا ذکرت نعوت حمیدة لبعض الشهداء بأنهم من صحابة رسول الله صلی الله علیه و آله، حیث إنهم شارکوا فی الغزوات وغیرها مع نبیهم و امامهم.

و اما ما قالت زینب سلام الله علیها فی ذاک الوقت و بینت صلوات الله علیها:

قَالَ الرَّاوِي: ثُمَّ أُخْرِجَ النِّسَاءُ مِنَ الْخَيْمَةِ وَ أَشْعَلُوا فِيهَا النَّارَ فَخَرَجْنَ حَوَاسِرَ مُسَلَّبَاتٍ حَافِيَاتٍ بَاكِيَاتٍ يَمْشِينَ سَبَايَا فِي أَسْرِ الذِّلَّةِ وَ قُلْنَ بِحَقِّ اللَّهِ إِلَّا مَا مَرَرْتُمْ بِنَا عَلَى مَصْرَعِ الْحُسَيْنِ علیه السلام فَلَمَّا نَظَرَ النِّسْوَةُ إِلَى الْقَتْلَى صِحْنَ‏ وَ ضَرَبْنَ وُجُوهَهُنَّ. قَالَ: فَوَ اللَّهِ لَا أَنْسَى زَيْنَبَ بِنْتَ عَلِيٍّ علیها السلام تَنْدُبُ الْحُسَيْنَ علیه السلام وَ تُنَادِي بِصَوْتٍ حَزِينٍ وَ قَلْبٍ كَئِيبٍ: يَا مُحَمَّدَاهْ صَلَّى عَلَيْكَ مَلَائِكَةُ السَّمَاءِ هَذَا الْحُسَيْنُ مُرَمَّلٌ‏ بِالدِّمَاءِ مُقَطَّعُ الْأَعْضَاءِ وَ بَنَاتُكَ سَبَايَا إِلَى اللَّهِ الْمُشْتَكَى وَ إِلَى مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَى وَ إِلَى عَلِيٍّ الْمُرْتَضَى وَ إِلَى فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ وَ إِلَى حَمْزَةَ سَيِّدِ الشُّهَدَاءِ يَا مُحَمَّدَاهْ هَذَا حُسَيْنٌ ِ بالْعَرَاءِ تَسْفِي عَلَيْهِ الصَّبَا قَتِيلُ أَوْلَادِ الْبَغَايَا وَا حُزْنَاهْ وَا كَرْبَاهْ، علیک یا ابا عبد الله، الْيَوْمَ مَاتَ جَدِّي رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه و آله يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدَاهْ هَؤُلَاءِ ذُرِّيَّةُ الْمُصْطَفَى يُسَاقُونَ سَوْقَ السَّبَايَا.

وَ فِي رِوَايَةٍ أخری؛ نادت زینبُ بنتَ أمیر المؤمنین –علیها السلام: يَا مُحَمَّدَاهْ بَنَاتُكَ سَبَايَا وَ ذُرِّيَّتُكَ مَقْتَلَةً تَسْفِي عَلَيْهِمْ رِيحُ الصَّبَا وَ هَذَا حُسَيْنٌ مَجْزُوزُ الرَّأْسِ مِنَ الْقَفَا مَسْلُوبُ الْعِمَامَةِ وَ الرِّدَاءِ، بِأَبِي مَنْ أَضْحَى عَسْكَرُهُ فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ نَهْباً بِأَبِي مَنْ فُسْطَاطُهُ‏ مُقَطَّعُ الْعُرَى، بِأَبِي مَنْ لَا غَائِبٌ فَيُرْتَجَى وَ لَا جَرِيحٌ فَيُدَاوَى، بِأَبِي مَنْ نَفْسِي لَهُ الْفِدَاءُ، بِأَبِي الْمَهْمُومُ حَتَّى قَضَى، بِأَبِي الْعَطْشَانُ حَتَّى مَضَى، بِأَبِي مَنْ شَيْبَتُهُ تَقْطُرُ بِالدِّمَاءِ، بِأَبِي مَنْ جَدُّهُ مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَى، بِأَبِي مَنْ جَدُّهُ رَسُولُ إِلَهِ السَّمَاءِ، بِأَبِي مَنْ هُوَ سِبْطُ نَبِيِّ الْهُدَى، بِأَبِي مُحَمَّدٌ الْمُصْطَفَى، بِأَبِي خَدِيجَةُ الْكُبْرَى، بِأَبِي عَلِيٌّ الْمُرْتَضَى، بِأَبِي فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ سَيِّدَةُ النِّسَاءِ، بِأَبِي مَنْ رُدَّتْ لَهُ الشَّمْسُ حتی صَلَّى.[17]

قَالَ الرَّاوِي: فَأَبْكَتْ وَ اللَّهِ كُلَّ عَدُوٍّ وَ صَدِيقٍ.

ح) کلمة ثریّة لا تنسی من السیدة زینب الکبری (سلام الله علیها)

السیدة زینب الکبری صرّحت فی الخطیبة البلیغة فی الکوفه و الشام الی نکتتین هامة اللتان أثرت علی الرجال و النساء فی الحفلةلاسیما قیادة جنود الشیطان:

الاولی؛ ما صرحت بها تجاه عبید الله بن زیاد فی الکوفة امام عماله و عمّال الامویین و عملائهم بعد ما قال عبید الله بن زیاد لعنه الله: الْحَمْدُ اللَّهِ الَّذِي فَضَحَكُمْ وَ قَتَلَكُمْ وَ أَكْذَبَ أُحْدُوثَتَكُمْ.

ثم قالت زینب سلام الله علیها فی جواب ذاک الخبیث: ما رَأَيْتُ‏ إِلَّا جَمِيلًا هَؤُلَاءِ قَوْمٌ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ فَبَرَزُوا إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَ سَيَجْمَعُ اللَّهُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُمْ فَتُحَاجُّ وَ تُخَاصَمُ فَانْظُرْ لِمَنِ الْفَلْجُ هَبَلَتْكَ أُمُّكَ يَا ابْنَ مَرْجَانَة.[18]

الثانیة؛ کلام السیدة زینب الکبری سلام الله علیها فی الشام فی جامع الأموی تجاه المناورة التی بناها الأمویون لإظهار القدرة الأمویة و فوزهم علی المناهضین خاصة أهل البیت علیهم السلام و فی قمتهم الإمام حسین بن علی بن ابی طالب و الشهداء المرضیین علیهم أفضل الصلاة و التسلیم و هکذا أسرتهم الکریمة الحاضرة فی احتفالهم.

هی نادت و صرخت سلام الله علیها تجاه طاغوت الامویین یزید بن معاویة لعنة الله علیه فی تلک المناورة و قالت:

وَ إِلَى اللَّهِ الْمُشْتَكَى وَ الْمُعَوَّلُ وَ إِلَيْهِ الْمَلْجَأُ وَ الْمُؤَمَّلُ ثُمَّ كِدْ كَيْدَكَ‏ وَ اجْهَدْ جُهْدَكَ فَوَ الَّذِي شَرَّفَنَا بِالْوَحْيِ وَ الْكِتَابِ وَ النُّبُوَّةِ وَ الِانْتِجَابِ- لَا تُدْرِكُ أَمَدَنَا وَ لَا تَبْلُغُ غَايَتَنَا وَ لَا تَمْحُو ذِكْرَنَا وَ لَا تَرْحَضُ عَنْكَ عَارُنَا وَ هَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَ أَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَ جَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي أَلَا لُعِنَ الظَّالِمُ الْعَادِي وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي حَكَمَ لِأَوْلِيَائِهِ بِالسَّعَادَةِ وَ خَتَمَ لِأَوْصِيَائِهِ بِبُلُوغِ الْإِرَادَةِ نَقَلَهُمْ إِلَى الرَّحْمَةِ وَ الرَّأْفَةِ وَ الرِّضْوَانِ وَ الْمَغْفِرَةِ وَ لَمْ يَشْقَ بِهِمْ غَيْرُكَ وَ لَا ابْتَلَى بِهِمْ سِوَاكَ وَ نَسْأَلُهُ أَنْ يُكْمِلَ لَهُمُ الْأَجْرَ وَ يُجْزِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ وَ الذُّخْرَ وَ نَسْأَلُهُ حُسْنَ الْخِلَافَةِ وَ جَمِيلَ الْإِنَابَةِ إِنَّهُ رَحِيمٌ وَدُود.[19]

ط) نهایة المطاف ؛ عطاء مالیّه وغفران قیّمة للسیّدة زینب الکبری و امّ کلثوم(علیهما السلام):

حینما وصلت قافلة الأسراء من أهل البیت إلی قرب المدینه المنوره ،مدحت أُم کلثوم علیها السلام عن تعامل جید فی الطریق من الشام الی المدینه الذی صدر عن نعمان بن بشیر هو المسئول الأموی الذی نصبه یزید بن معاویه لعنه الله اقترحت أم کلثوم لأخته زینب الکبری علیهما السلام اعطاء هدیة له بإزاء الخدمات التی أتی بها فی الطریق، انّ زینب الکبری وافقت علی هذا الامر بعد تطارح کلمات قیمه بین الأختین ،انظر ما حکی به ابن أثیر الجزری و غیره فی کتب التاریخ:

فقالت فاطمه بنت علیّ لأختها زینب الکبری:لقد أحسن هذا الرجل إلینا فهل لک أن نصله بشیء ؟ فقالت: والله ما معنا ما نصله به الّا حلینا فأخرجتا سوارین و دملجین لهما فبعثتا بهما الیه و اعتذرتا. فردّ [النعمان] الجمیع و قال :لو کان الذی صنعت للدنیا لکان فی هذا ما یرضینی و لکن، و الله ما فعلته الّا لله و لقرابتکم من رسول الله صلی الله علیه و آله.[20]

هذه هی ضوئة قلیلة التی تدل علی کرامة السیدة زینب بنت علی علیهما السلام و لاشک أن ما ذکرته قطرة من البحار الفضائل و الکرامات الموجودة الصادرة منها و علی من یرید أکثر و أکثر فلیراجع الی کتاب «زینب کبری سلام الله علیها سکّاندار کشتی عاشورا».[21]

و ایضا راجع الی المصادر الموجودة فی کتاب المولف حیث عرف هناک اکثر من مائة و خمسین تالیفا حول حیاة السیدة زینب الکبری سلام الله علیها.


[1] . راغب اصفهانی، معجم مفردات الالفاظ القرآن، لغت: کرم.

[2] . الطریحی، مجمع البحرین، ج6، ص152.

[3] . مامقانی، عبد الله، تنقیح المقال فی علم الرجال، ج3، ص79 ؛ البحرانی، عوالم العلوم، ج11، ص950.

[4] . الخوئی، معجم رجال الحدیث، ج23، ص190، شماره 15629؛ البحرانی، عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد)، ج‏11-قسم-2-فاطمةس، ص952.

[5] . صحیفة الإمام [الخمینی ره]، ج17، ص54.

[6]. عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد)، ج‏11-قسم-2-فاطمةس، ص947.

[7]. عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد)، ج‏11-قسم-2-فاطمةس، ص955، حدیث 7 ؛ علامه جعفر نقدی، زینب الکبری -علیها السلام-، ص22.

[8]. عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد)، ج‏11-قسم-2-فاطمةس، ص955.

[9] . عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد)، ج‏11-قسم-2-فاطمةس، ص956 ؛ زينب الكبرى عليها السّلام للنقدي، صص 22، 29.

[10]. خاتون آبادی اصفهانی، محمدرضا بن محمد مؤمن، جنّات الخلود، قم، 1382 هـ ش.

[11] . جزائری، زينب الكبرى عليهاالسّلام، ص34- 36 ؛ عوالم العلوم و المعارف والأحوال من الآيات و الأخبار و الأقوال (مستدرك سيدة النساء إلى الإمام الجواد)، ج‏11-قسم-2-فاطمةس، ص958.

[12] . باقر شریف القرشی، موسوعة سیرة اهل البیت- علیهم السلام- السیدة زینب، ج36، ص 158، محقق: مهدی باقر القرشی، ناشر: دارالمعروف للطباعه و النشر، مؤسسه کتاب عام الولایه، دارالمعروف، الطبعه الأولی، 1430 ق.

[13] . الإحتجاج على أهل اللجاج (للطبرسي)، ج‏2، ص305.

[14] . شیخ مفید، الارشاد فی معرفة حجج الله علی العباد، ج2، ص107.

[15] . بحار الانوار، ج45، ص44.

[16] . سوره الأحزاب، آیه 33.

[17] . ابن نمای حلی، مثیر الاحزان، ص90.

[18] . ابن نمای حلی، مثیر الاحزان، ص90.

[19] . الإحتجاج على أهل اللجاج (للطبرسي)، ج‏2، ص308 ؛ بحار الأنوار (ط – بيروت)، ج‏45، ص160، حدیث 4.

[20] .  ابن أثیر، الکامل فی التاریخ، ج4، صص87-88 ؛ سید محسن الامین، اعیان الشیعه، ج7، ص140.

[21] . احمد(رجبعلی)زمانی، زینب کبری سلام الله علیها، سکّاندار کشتی عاشورا، ناشر: بوستان کتاب، دفتر تبلیغات حوزه علمیه قم، چاپ اول، سال 1400هـ ش.